الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال جرير: وقال كعب بن مالك يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: والتاء الثانية تاء التأنيث لأن اليد مؤنثة ومعن تبّت يداه أي تب هو لأن العرب تنسب الشدة والقوة والأفعال إلى اليدين إذ كان بهما يقع كل الأفعال.{سَيَصْلى} أي يحترق بها وصلي من باب تعب، وعبارة ابن خالويه جيدة وهي: ويقال: صليت الشاة إذا شويتها فأنا صال والشاة مصلية ومن ذلك حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه أهديت إليه شاة مصلية، وأجاز الفراء شاة مصلاة لأنك تقول أصليتها أيضا ويقال للشّواء: الصّلاء والمضهّب والرّشراش والرّوذق والمشنّط والمرموض والرّميض والمحنوذ والحنيذ والسّويد أو الشويذ والمحسوس والمحاش والسحساح والأنيض والمفلّس والمخدّع كله الشواء.{جِيدِها} الجيد: العنق وجمعه أجياد والجيد بفتح الياء طول العنق.{مَسَدٍ} المسد الذي فتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان أو جلد أو غيرهما، وفي القاموس: المسد بسكون السين مصدر بمعنى الفتل وبفتحها المحور من الحديد أو حبل من ليف أو كل حبل محكم الفتل والجمع مساد وأمساد يقال مسد حبله يمسده مسدا من باب نصر أي أجاد فتله.
والجملة دعائية لا محل لها، روي في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} خرج صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقيّ؟» قالوا ما جربنا عليك كذبا قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت السورة، وقال الزمخشري: فإن قلت: لم كناه والكنية تكرمة؟قلت: فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يكون مشتهرا بالكنية دون الاسم فقد يكون الرجل معروفا بأحدهما ولذلك تجري الكنية على الاسم والاسم على الكنية عطف بيان فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ {يدا أبو لهب} كما قيل علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان لئلا يغيّر منه شيء فيشكل على السامع. إلى أن يقول: والثاني أنه كان اسمه عبد العزّى فعدل عنه إلى كنيته والثالث أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرا بأن يذكر بها، ويقال أبو لهب كما يقال أبو الشر للشرير وأبو الخير للخيّر وكما كنّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أبا المهلب أبا صفرة بصفرة كانت في وجهه وقيل كني بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما فيجوز أن يذكر ذلك تهكما به وبافتخاره بذلك. {ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ} ما يجوز فيها النفي والاستفهام وعلى الثاني تكون منصوبة المحل بما بعدها والتقدير أي شيء أغنى عنه المال.ومن الغريب أن ابن خالويه أعربها رفعا على الابتداء، و{عنه} متعلقان بـ: {أغنى} و{ماله} فاعل والواو حرف عطف و{ما} يجوز فيها أن تكون مصدرية أو موصولة بمعنى كسبه أو مكسوبه ويجوز أن تكون استفهامية منصوبة المحل بما بعدها أي أيّ شيء كسب؟وعبارة ابن هشام: تحتمل ما الأولى النافية أي لم يغن والاستفهامية فتكون مفعولا مطلقا التقدير أي إغناء أغنى عنه ماله ويضعف كونه مبتدأ.{سَيَصْلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ} السين حرف استقبال ويصلى فعل مضارع وفاعله هو أي أبو لهب و{نارا} مفعول به و{ذات لهب} نعت لنارا لأنها مآل كنيته ومثابتها.{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} {وامرأته} عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب وكانت عوراء وماتت مخنوقة بحبلها، قالوا: كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقيل كانت تمشي بالنميمة ويقال للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أي يوقد النائرة بينهم ويؤرث الشر، قال: وجعل الحطب رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر، و{حمّالة الحطب} قرئ بالنصب على الشتم، قال الزمخشري: وأنا أستحب هذه القراءة: وقرئ بالرفع على النعت لـ: {امرأته} وجاز ذلك لأن الإضافة حقيقته إذ المراد المضي أو على أنها بدل لأنها تشبه الجوامد بسبب تمحض الإضافة أو على أنها خبر لمبتدأ محذوف.وقال ابن خالويه: وفي حرف ابن مسعود {مريئته} مصغرا والعرب تقول هذه مرأتي وامرأتي وزوجي وزوجتي وحنّتي وطلّتي وشاعتي وإزاري ومحل إزاري وفضلتي وحرثي، قال الشاعر: وتسمى المرأة بينا والعرب تكنّي عن المرأة باللؤلؤة والبيضة والسّرحة والأثلة والنخلة والشاة والبقرة والنعجة والودعة والعيبة والقوارير والرّبض والفراش والريحانة والظبية والدّمية وهي الصورة والنعل والغلّ والقباء والجارة والمزخّة والقومدّة، وكنى الفرزدق عن المرأة بالجفن فجعلها جفنا لسلاحه، وكانت ماتت وهي حبلى فقال: وكنى عنها آخر بموضع السرج من الفرس فقال يخاطب امرأته: يقول: ربما متّ فزلت عنك فانظري كيف تكونين بعدي.و{في جيدها} خبر مقدّم و{حبل} مبتدأ مؤخر و{من مسد} نعت لـ: {حبل}.
والغراء البيضاء، والشادخة المتسعة وذلك مجاز عن الظهور وارتفاع المقدار، والسليلة من سلّ من غيره، والمراد بالشيخ أبوها حرب لأنها أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب. وقيل حمل الحطب حقيقة وقيل مجاز عن إثارة الفتنة لأنها كانت نمّامة. وإلى شتمي متعلق بمحذوف أو بأردت على طريق التضمين أي أيّ شيء أردته مائلا أنت إلى شتمي أو منضما هو إلى شتمي أو ما الذي أردته من شتمي أو مع شتمي هل أردت أنك شريف لا عيب فيك ويجوز أن إلى بمعنى من كما قال النحاة ويمكن أنها للمصاحبة كما قالوا أيضا في قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} وتعير أصله تتعير فحذف منه إحدى التاءين. اهـ.
|